بحث
كيف أنقذ جرّاح إماراتي قلب طفلة طاجيكية؟

ماهينا غانيفا طفلة طاجيكية وُلدت مصابةً بمرض خلقي يدعى رباعية فالو تسبب بأربعة تشوهات في قلبها الصغير، حال دون قدرتها على التنفّس واللعب مع رفيقاتها بشكل طبيعي.

بقيت ماهينا على هذا الحال حتى بلغت الخامسة والنصف من العمر، حين مُدّت إليها يد المساعدة من فريق طبي إماراتي يجوب العالم حاملاً رسالة إنسانية هدفها ضخّ نبض الحياة في قلوب الأطفال.

يعمل الفريق الطبي الذي يترأسه الدكتور عبيد الجاسم، رئيس قسم جراحة القلب والصدر في هيئة الصحة في دبي ضمن مبادرة "نبضات" التي تديرها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وذلك بهدف توفير المساعدة الطبية مجاناً للأطفال المحتاجين ممن يعجز أهاليهم عن تأمين كلفة العلاج، حيث تشمل مهام الفريق إجراء عمليات جراحية لعلاج التشوهات الخلقية في القلب.

وكانت ماهينا قد خضعت للجراحة الدقيقة في العام 2017، وهي واحدة من بين 1100 طفل تلقوا العلاج الطبي في إطار مبادرة "نبضات" منذ إطلاقها في العام 2007 وحتى العام 2018.

وحلّت الطفلة ضيفةً على دبي في شهر مايو من العام 2019، حيث وجهت كلمة أثناء مشاركتها في فعالية إصدار التقرير السنوي لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، عبرت فيها عن شكرها وامتنانها لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومؤسسته التي أعادت لها طفولتها ومنحتها حياة معافاة، مؤكدة بأنها تشعر بسعادة كبيرة.

وكان الدكتور عبيد الجاسم قد التحق بمبادرة "نبضات" في العام 2007، حيث التقى وفريقه الطفلة ماهينا في أكتوبر من العام 2017 خلال بعثتهم الأولى إلى طاجيكستان. يقول مستذكراً: "كانت ماهينا تعيش مع والدتها في إحدى القرى في حالة من الفقر المدقع.. وكان والداها منفصلين".

استغرقت العملية الجراحية الدقيقة التي أجراها الدكتور عبيد ثماني ساعات. ولا يخفي طبيب القلوب فرحته بالنتيجة، حيث يقول: "لم تسهم العملية في إنقاذ حياة الطفلة فقط وإنما أعادت لها عائلتها"، مضيفاً: "بدأت ماهينا بالتعافي فأعاد ذلك الأمل إلى والديها وقررا لمّ شمل الأسرة لتكبر ابنتهما في كنفهما".

وخلال الحملة الثانية لفريق "نبضات" إلى طاجيكستان في أبريل من عام 2019، استفاد نحو 400 طفل من الخدمات العلاجية المجانية للفريق، شملت إجراء جراحات وفحوصات طبية مجانية. وفي تلك الحملة، حرص الدكتور عبيد على متابعة حالة ماهينا والاطمئنان على وضعها الصحي.

تخرج الدكتور عبيد الجاسم من كلية الطب بجامعة غوتنبرغ في السويد، حيث حصل على شهادة "البورد" السويدي في جراحة القلب والصدر من مستشفى "سالجرسنكا" الجامعي في السويد، وانتظم في برنامج الطب المقيم في الجراحة العامة بهيئة الصحة بدبي.

وقد بدأ مسيرته التطوعية في علاج الأطفال منذ العام 2007، وهو العام نفسه الذي أطلقت فيه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية مبادرة "نبضات"، كمشروع طبي إنساني يهدف لعلاج أكبر عدد ممكن من الأطفال المصابين بتشوهات خلقية في القلب داخل الدولة خصوصاً ممن لم تكن عائلاتهم قادرة على تحمل تكلفة العلاج، ليتسع معها النطاق التطوعي للجاسم حيث كان على رأس الجراحين المتطوعين في المبادرة، حين بدأ مستشفى دبي في استقبال الأطفال المرضى من الدول المجاورة، وتم إجراء العديد من الجراحات الناجحة. وفي أكتوبر 2012، انطلقت الحملات الخارجية للمبادرة مستهدفة الأسر الفقيرة والمتعففة في الدول التي تفتقر للخبرة والكوادر الطبية والإمكانيات اللازمة لتلقي العلاج اللازم، حيث شملت حملات "نبضات" حتى اليوم عشرة بلدان في القارتين الآسيوية والأفريقية.

ويعتبر الدكتور عبيد أن العمل الإنساني التطوعي جزء من واجب الطبيب وهو يرى أن "الطب مهنة إنسانية بامتياز، فإذا كنتُ أمتلك المعرفة والفرصة لمساعدة الآخرين فكيف يسعني أن أردّ طفلاً معرضاً للموت أو للإعاقة الدائمة لمجرد أن أسرته غير قادرة عن دفع تكاليف علاجه؟!"

وتابع مضيفاً، "نحن لا نعطي السعادة للأطفال الذين ننقذهم، بل هم الذين يسعدوننا لأنهم يتيحون لنا فرصة لمساعدتهم".

ويؤكد بأن العطاء قيمة متجذّرة في أسرته، كما أنه قيمة أساسية ضمن منظومة القيم الإنسانية التي تتبنها دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، والتي تقوم على إغاثة المحتاج ونجدة الملهوف ومساعدة المحروم ومشاركة خير الإمارات العالم.