بحث
جمعية "حفظ النعمة" في البحرين تطمح للقضاء على ظاهرة هدر الطعام

لا يقتصر عمل الجمعية على إطعام المحتاجين، ولكنها تسعى لاستصدار قانون في مملكة البحرين يُجرم رمي الأطعمة الصالحة للاستهلاك الآدمي في القمامة.

بقلم: ميجا ميراني.

"فائض طعامك حاجة لغيرك" هذا هو الشعار الذي اختارته "جمعية حفظ النعمة" في قيامها بأنشطتها. تعمل الجمعية كبنك طعام غير ربحي في مملكة البحرين، حيث تعمل على جمع فائض الطعام من الفنادق والمطاعم ومحلات السوبر ماركت والمناسبات الخاصة (مثل حفلات الزفاف) وتقوم بتوزيعه على المحتاجين من العمال والأسر الأقل حظاً.

وفقاً لإحصائيات المجلس الأعلى للبيئة في البحرين، فإن حجم هدر الطعام في دول الخليج يتجاوز 400 طن يومياً، وقد ارتفعت الكمية لتصل إلى 600 طن خلال شهر رمضان المبارك.

يقول أحمد الكويتي -الرئيس التنفيذي "لجمعية حفظ النعمة"- لمنصة "حوار الشرق الأوسط": "إننا نؤمن بأن أفراد مجتمعنا لا يريدون هدر فائض الطعام عن عمد، خصوصاً وأن تعاليمنا الإسلامية -التي نرغب جميعاً في إتباعها- تحثنا للحفاظ على فائض الطعام ومساعدة الآخرين وإظهار الشكر لله على نعمه.وبالرغم من ذلك، فقد كنا بحاجة إلى مبادرة لتوعية المجتمع وتوضيح كيفية الحد من هدر الطعام وأهمية التبرع بالفائض من الغذاء."

وقعت "جمعية حفظ النعمة" (بنك الطعام)اتفاقيات مع فنادق ومطاعم ومخابز لجمع الطعام الفائض بشرط أن يكون في حالة جيدة ولم تلمسه يد، ويتوافق مع معايير الصحة والسلامة.

وتضم الجهات،التي تعاونت مع الجمعية ووقعت اتفاقيات للتبرع بفائض الطعام، كل من: فنادق انتركونتيننتال ريجنسي، وريتز كارلتون، وفور سيزونز، وشيراتون بالإضافة إلى لولو هايبر ماركت وسوبر ماركت الأسرة، وأيكيا، وبول كافيه.

و يوضح أحمد الكويتي أن "جمعية حفظ النعمة" وفرت منذ بداية عملها في عام 2014 ما يقرب من 490 ألف وجبة، وأنها تهدف إلى زيادة معدلات التوزيع كي تصل إلى 21 ألف وجبة شهرياً خلال العامين المقبلين.

ويضيف أحمد قائلا: "لدينا خط ساخن لحجز طاقم عمل لتغطية الفعاليات المختلفة. يقوم أفراد الطاقم بتعبئة الأطعمة الصالحة للأكل من البوفيهات المفتوحة."

قامت "جمعية حفظ النعمة" على أكتاف مجموعة ممن لديهم دوافع كبيرة لعمل الخير وهم أيضاً يقومون على إدارتها، واستلهمت الجمعية فكرة عملها من جمعية "إطعام"،وهي بمثابة بنك طعام في المملكة العربية السعودية يعمل على إطعام الفقراء والمحتاجين من خلال توزيع فائض أطعمة الحفلات والفنادق.

قانون جديد لمنع هدر الطعام

يُشير أحمد الكويتي إلى أن إقناع الأسر بالتبرع بالطعام بدلاً من رميه في القمامة عقب انتهاء مناسباتهم الخاصة كان أسهل بكثير من إقناع الفنادق والمجمعات التجارية الضخمة بالتعاون معنا وجمع تبرعاتهم من فائض الطعام.

ويوضح أحمد الكويتي سبب ذلك قائلاً:"تخشى الفنادق ومحلات السوبر ماركت على سمعتها، لذلك فلديهم مخاوف من احتمالية حدوث حالات تسمم غذائي أو تعرض أي شخص لمشكلة صحية إثر تناوله بقايا الطعام الواردة منهم."

وتقدم "جمعية حفظ النعمة" اتفاقية إخلاء للمسؤولية وذلك في إطار عملها لمواجهة هذه المخاوف، كي تضمن لهذه الجهات عدم تحملها لأي مسئولية عن الأطعمة التي تبرعوا بها.

ويقول الرئيس التنفيذي للجمعية أن العديد من المنظمات تحتاج إلى مزيد إقناع على الرغم من ذلك الضمان، ولعل هذا هو سبب سعى "جمعية حفظ النعمة" حاليا لاستصدار قانون جديد يمنع منافذ بيع الأغذية والمجمعات التجارية الضخمة في البحرين من التخلص من فائض الطعام الذي لا يزل صالح للاستهلاك الآدمي.

ويوضح أحمد الكويتي بقوله:"لقد شكلنا لجنة كي تدرس فكرة تقديم مشروع قانون منع هدر الطعام. ونحن نتطلع إلى وضع قانون شبيه بالقانون الفرنسي لمنع هدر الطعام. إن سن مثل هذا القانون سوف يسهل عملية توقيع اتفاقيات جمع فائض الطعام."

أصبحت فرنسا -في بدايات عام 2016- أول دولة في العالم تصدر تشريعات تمنع المجمعات التجارية الضخمة من التخلص من فائض الطعام الصالح للاستهلاك الآدمي.وقد أُلزمت المتاجر الفرنسية بتحويل بقايا الطعام الفائض إلى سماد أو التبرع به للجمعيات الخيرية مثل بنوك الطعام.

وتشير إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى أن العالم يُهدر ما يقرب من ثُلث أغذيته سنوياً، حيث بلغت كمية المهدر من الطعام سنوياً 1.6 مليار طن بقيمة حوالي 1.2 تريليون دولار. بينما تشير الإحصائيات الصادرة في 2018 عن نفس المنظمة إلى ارتفاع نسبة الجوع خلال السنوات الثلاث الماضية.وتمثل هذه الأرقام عودة مستويات الجوع إلى ما كانت عليه في العقد الماضى، حيث عانى 821 مليون شخص حول العالم من الجوع في عام 2017.

ويشير أحمد الكويتي إلى أن دول الخليج العربي من بين أكثر دول العالم إهداراً للطعام، ومن أهم أسباب هذه الظاهرة هو "الإسراف في الطعام".

ويشير إلى أن إجمالي هدر الطعام في البحرين -التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1.6 مليون نسمة- يصل إلى 146 ألف طن سنوياً، وهو ما يقدر بحوالي 94.9 مليون دينار بحريني أي ما يعادل 252 مليون دولار تقريباً.

ويضيف أحمد الكويتي قائلا:"تتماشى مبادرتنا وأهداف الأمم المتحدة العالمية للتنمية المستدامة التي اعتمدتها البحرين، وخاصة الهدف الثاني المعني بالقضاء التام على الجوع، والهدف الثاني عشر المعني بضمان أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، وتقليل النفايات الغذائية عن طريق الترشيد ومنع الهدر، وإعادة التدوير وإعادة الاستخدام وذلك في إطار خطة عام 2030."