بحث
الطين المعجزة يُحول الصحراء القاحلة إلى أرض خصبة وصالحة للزراعة مرة أخرى

طوّرت شركة ديزرت كنترول "Desert Control" الناشئة تقنية جديدة تبعث على التفاؤل في مجال استصلاح الأراضي الصحراوية واستعادة الأراضي الصالحة للزراعة. بقلم: مات سميث.

يؤدي الزحف المستمر للرقعة الصحراوية حول العالم إلى تحول الأراضي الخصبة والصالحة للزراعة إلى أراضٍ غير صالحة للاستخدام مهددًا بذلك سبل العيش لأكثر من مليار نسمة. حيث يُغطي التصحر في كل عام منطقة يبلغ إجمالي مساحتها ما يعادل مساحة كلاً من بلدان الأردن والكويت ولبنان مجتمعة، وهناك عدد لا يحصى من الأسباب المعقدة، بما في ذلك الجفاف والزراعة المكثفة وإزالة الغابات.

ومع ذلك، يوجد أمل متجدد الآن في إيقاف زحف الصحراء المتنامي، ويعود الفضل في ذلك إلى الشركة الناشئة الرائدة المدعومة من قبل معرض إكسبو 2020 دبي.

اخترعت شركة ديزرت كنترول، الكائن مقرها الرئيسي في النرويج ومكاتبها في دبي، الطين النانوي السائل (liquid nano-clay) أو الطين الصناعي الذي بإمكانه تحويل الأراضي القاحلة إلى تربة خصبة للزراعة.

يقول أولي كريستيان سيفيرتسن، الرئيس التنفيذي لشركة ديزرت كنترول: "إن مهمتنا تتلخص في تغيير حالة التربة وتحولها إلى خضراء من جديد، والإسهام في حماية التربة من التدهور وإعادة حيويتها، والحد من التصحر بل وإيقافه".

يتم مزج الطين مع الماء من خلال عملية حاصلة على براءة اختراع، في صورة مركب يتم استخدامه بعد ذلك في الأراضي الرملية والصحراوية لتكوين طبقة يبلغ سمكها من 40 إلى 60 سنتيمتر تحت سطح التربة يجعلها تحتفظ بالماء كقطعة إسفنجية.

ويستغرق عادةً تحويل هذه الأراضي الرملية إلى تربة خصبة من 7 إلى 15 سنة، إلا أن المناطق المعالجة بالطين النانوي تصبح مناسبة للزراعة في غضون سبع ساعات فقط. كما يحتوي المركب العضوي على العناصر الغذائية والفطريات الميكروبيولوجية التي تغذي التربة وتجعلها خصبة من جديد.

يستمر مفعول استخدام الطين النانوي في المرة الواحدة خمس سنوات ويتم تصنيعه في الموقع من مكونات طبيعية - ولا يتم استخدام أي مواد كيميائية. حيث تحتوي بروتونات الطين على شحنة كهربائية، تعمل كمغناطيس يجذب المعادن الموجودة في الرمال التي تحتوي على شحنة كهربائية عكسية، ويتفاعل الطين والمعادن مكونين بنية تشبه التربة.

ويقول سيفيرتسن: "إن التربة الرملية الكثيفة وحتى الرمال الصحراوية، سيصبح بمقدورهما تكوين تربة زراعية عضوية تقليدية كالتي نعرفها".

يتم إنتاج الطين النانوي من خلال عملية ميكانيكية تُقسِّم رقائق الطين إلى جزيئات ضئيلة جدًا. وتعتمد نسبة الجزيئات إلى الماء على نوع التربة أو الرمال حيث يتم رش الطين النانوي عليها. ومن المهم جدًا الحصول على درجة اللزوجة المناسبة للمركب، حيث تؤثر أيضًا عوامل مثل حموضة التربة وملوحتها على الحسابات.

ويشرح سيفيرتسن: "تحتوي التربة بمختلف أنواعها على خصائص مختلفة، مثل البنية والتركيب والكثافة، لذا فإننا نعمل على ضبط لزوجة الطين بحيث يمتزج مع التربة بشكل طبيعي، حيث تعمل الشحنات الكهربائية على تكوين روابط في الطبقة العليا من التربة وصولاً إلى الطبقات الأعمق.

ابتكرت شركة ديزرت كنترول ما يعرف باسم منتج الحد الأدنى (MVP)، بالإضافة إلى آلات الإنتاج المتنقلة الصغيرة الحجم التي يتم شحنها إلى أي مكان مطلوب لتصنيع الطين النانوي في الموقع.

وفي أغسطس 2019، انتهى المركز الدولي للزراعة الحيوية من عملية التحقق الخارجي المعنية بتقنيات وعمليات مكافحة زحف الصحراء والتي استغرقت عامًا في مرفق أبحاثه في دبي، حيث قام بتحليل تأثير ذلك على استخدام المياه وإنتاجية المحاصيل وغيرها من المقاييس. وأظهرت هذه الدراسة انخفاضًا في معدل استهلاك المياه بنسبة 47 ٪، في حين زادت أحجام المحاصيل إلى الضعف تقريبًا، وانخفضت الملوحة بشكل ملحوظ.

وفي أعقاب تلك التجربة الناجحة، جمعت شركة ديزرت كنترول نحو 40 مليون كرونة نرويجية (4.4 مليون دولار أميركي)، وستواصل استثماراتها في بناء الآت تجارية أكبر.

كما تعمل الشركة على إجراء دراسة جدوى في السنغال بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وتمثل المبادرة جزءًا من مشروع الجدار الأخضر الكبير، الذي بدأ قبل عشرة أعوام تقريبًا، والهادف إلى استعادة مساحة من الصحراء تمتد 8000 كيلومتر وتحويلها إلى أرض خصبة. ويجري العمل بهذا المشروع في شتى أنحاء أفريقيا، من السنغال إلى جيبوتي.

تضم شركة ديزرت كنترول قسمين تجاريين – يُركز أحدهما على الجدار الأخضر الكبير ويعمل القسم الآخر مع القطاعين العام والخاص على المشاريع الأصغر حجمًا.

كما يمكن استخدام الطمي النانوي في الأراضي الخضراء بالفعل، إلى جانب استخدامه في التربة الصحراوية والرملية، مثل قطع الأراضي التي أعيد استصلاحها في دول الخليج لصالح ملاعب الغولف والحدائق. حيث يؤدي استخدام الطين الصناعي في المناطق الخضراء إلى تقليل كمية الماء والأسمدة اللازمة بنسبة تصل إلى 50%.