يعتبر طلب القروض البنكية لأغراض التوسع أمر شبه مستحيل بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة، بالإضافة إلى محدودية خيارات الاستثمار بالنسبة للمستثمرين السعوديين من الأفراد، وهو ما دفع إحدى سيدات الأعمال لإيجاد حل لتلك المعضلة. بقلم: مات سميث.
لا يخفى على أحد مدى كفاح الشركات الصغيرة من أجل الحصول على تمويل لأغراض توسيع استثماراتها، وذلك لانعدام السبل إلى ذلك في المنطقة إلا عبر الاعتماد على بنك وطني لمحاولة الحصول على قرض تمويل وهو أمر شديد الصعوبة.
وعلى الرغم من أن الأمور تبدو في سبيلها للتحسن ولكنها لا تتحسن بالسرعة الكافية، وقد أرقت هذه المشكلات المزمنة مديرة صناديق استثمار بنكية سابقة "نسيبة الراجحي" وألهمتها بإطلاق منصة "فرص"، والتي تطرح فيه نظام إقراض يوافق الشريعة الإسلامية تسعى من خلاله أن تعزز النمو الاقتصادي للمملكة وتثري كلاً من أصحاب الأعمال وصغار المستثمرين.
تقول الراجحي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة فرص: "الأمر واضح جلي، نحن نجمع بين طرفي العملية من المستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة الباحثة عن تمويل"،ويوفر الإقراض الجماعي عائدًا أكثر ثباتًا وأمانًا من الاستثمار في الأسهم أو صناديق الاستثمار على سبيل المثال. فإذا قارنتها مثلاً بالعقارات التي تتطلب سيولة كبيرة ومُسبقة الدفع للاستثمار فيها، ولكن نظام الإقراض عبر المنصات يوفر فرص استثمار وعائدات للجميع."
ستُطلق شركة "فرص" منصتها في بداية 2020، وذلك بعدما حصلت على ترخيص خاص في يوليو 2019.
آلية عمل المنصة
سريعة وسهلة التسجيل بالنسبة للمستثمرين -فلا تحتاج إلا إلى إكمال عملية "اعرف عميلك" وستتمكن بعدها مباشرة من إقراض 500 إلى 10000 ريال لأي من شركة تختارها. ستحلل شركة "فرص" نسبة المخاطر والائتمان الخاصة بالمقترضين المحتملين، والتي لا تستغرق عادة سوى حوالي 10 أيام.
تقول الراجحي: "نبذل كل العناية الواجبة وبمجرد أن تستوفي الشركات المعايير التي وضعناها، يتم إدراجها في المنصة، مما يتيح للمستثمرين -الأفراد والمؤسسات - إمكانية إقراضهم، نحن نسميها استثمارات الدخل -يسترد المستثمرون أموالهم، مضافاً عليها بعض الرسوم"
تُصنف الشركات المدرجة على المنصة الإلكترونية وفقاً لدرجة المخاطر، وكلما زادت درجة المخاطرة ارتفع العائد التي يحصل عليه المقرض، ويمكن للشركات اقتراض مبلغ مليوني ريال كحد أقصى.
كما توضح الراجحي أنه "يمكن للمستثمرين النظر في التقارير المالية للشركات، واستراتيجيتها، وفرق عملها، ومنتجاتها، بالإضافة إلى معدلات مالية محددة من شأنها المساعدة في اتخاذ قرار الإقراض".
تطلب الشركة اقتراض مبلغ معين، وبمجرد أن يتعهد المستثمرون بإقراضه بالكامل، تحصل الشركة على القرض، وتحصل "فرص" هي الأخرى على عمولة صغيرة مقابل ذلك. وتتراوح مدة سداد القروض بين 6 - 48 شهراً.
وصرحت الراجحي قائلة: "توفر منصتنا خيارات بديلة ومتنوعة للمستثمرين، كما تُمكِّن الشركات من حصولها على فرص للنمو والتوسع. ونحقق ذلك من خلال تقليل الخلافات وتيسير تجربة العملاء وتوفير منصة سلسة وآمنة وشفافة".
أهمية الامتثال للشريعة الإسلامية
وقد حصلت "الراجحي" على ماجستير إدارة الأعمال من كلية إدارة الأعمال بمدريد حيث كشفت أبحاثها عن وجود فجوة سوقية تسمح لها بإدخال نظام قائم على التكنولوجيا الاقتصادية في المملكة للاقتراض عبر المنصات الإلكترونية.
وتشير الراجحي "إذا نظرنا إلى السوق اليوم، فلا يوجد إلا القليل من البنوك التي تقرض الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتبرها البنوك ذوات مخاطرة عالية في السعودية، بينما توجد حوالي 16000 شركة صغيرة ومتوسطة تبحث عن فرص للحصول على التمويل والقروض".
تستخدم "فرص" هيكل تنظيمي للمرابحة الإسلامية -التكلفة بالإضافة للتمويل- للقروض التي تقدمها، والتي لا تحمِّل فائدة وتتوافق مع الشريعة الإسلامية. يشير الإقراض المتوافق مع الشريعة الإسلامية في اللغة الإنجليزية إلى معدل الربح بدلاً من سعر الفائدة، على الرغم من أنه لا يوجد بالعربية أي تمييز لغوي من هذا القبيل. ومع ذلك فإن قروض "فرص" تتوافق مع الشريعة.
تقول الراجحي "تحتضن السعودية أكبر سوق للخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية"
وأعربت عن أملها في أن توفر منصتها مكسباً لكلاً من المستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث يمكن للمستثمرين تحقيق أرباحاً أكبر، وتتمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة من الحصول على الأموال اللازمة لتوسيع نطاق عملياتها التشغيلية.هذا وتخطط "فرص" للتوسع في مصر وباكستان على المدى الطويل، ولكن الراجحي تصب تركيزها بشدة في الوقت الراهن على موطنها الأصلي وهو المملكة العربية السعودية.
وتوضح الراجحي "الشفافية هي إحدى الأهداف الرئيسية التي نسعى إلى تحقيقها، والتي ستمكن فيما بعد للاندماج المالي وتساعد في زيادة الناتج الإجمالي المحلي، لقد تحدثنا إلى العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة ووجدنا أن معظمها تواجه تحديات فيما يتعلق بالاقتراض".
تقود الراجحي فريقا مكوناً من 10 موظفين في "فرص"، وتعتبر رائدة نسائية في قطاع الخدمات المالية الذي يهيمن عليه الذكور كما هو الحال في باقي القطاعات في المملكة، التي تشكل فيها النساء أقل من 25% من القوى العاملة.
وتضيف الراجحي " ستتغير ملامح القطاع المالي السعودي تماماً، خلال السنوات الخمس القادمة".