تحت سماء دبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، خطفت الطفلة مريم أمجون، من المملكة المغربية، قلوب ملايين العرب، حين تُوّجت بلقب "بطل تحدي القراءة العربي"، في نسخة العام 2018. فابنة التسع سنوات أذهلت العالم بجرأتها اللافتة، ولسانها العربي الفصيح، وعقلها المتفتح على بلاغة المعنى. ودموع الفرح التي ذرفتها أمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي احتضنها بعطف، تثبت أن لغة الضاد لها من يحميها من أبنائها، وأن الحرف العربي الذي رعته واحتضنته مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية من خلال تحدي القراءة العربي، المشروع المعرفي الأكبر من نوعه لغرس ثقافة القراءة لدى النشء، بات يحفر قيمته ومعناه في وعي الملايين من شبابنا العربي.
تبلغ مريم أمجون اليوم أحد عشر عاماً من العمر، وهي طالبة متفوقة في الصف السادس الابتدائي، موسعةً قاعدة اهتماماتها المعرفية لتشمل تعلُّم اللغات والرياضيات، حيث تحظى بدعم ورعاية والديها اللذين يعملان في حقل التدريس. ومنذ تتويجها بلقب تحدي القراءة العربي سطع نجمها أكثر فأكثر، وقد أصبحت قدوةً لكثيرين، متحولةً إلى أيقونة في وطنها، ضمن مهام وأدوار كثيرة تقوم بها؛ فهي تعمل سفيرة للقراءة من خلال زيارات مدرسية تشارك فيها الطلبة تجربتها، وتشجعهم على القراءة وبناء مخزونهم المعرفي مبكراً وصقل مواهبهم والاطلاع على ثقافات الأمم، كما تقدم برامج تلفزيونية للتوعية بشأن السلامة المرورية وحوادث الطرق. ومع تفشي أزمة فيروس كورونا المستجد في العالم، استغلت مريم نجوميتها وشعبيتها وسط أبناء جيلها في المشاركة في حملات التوعية، عبر فيديوهات تشجيعية للأطفال حول تدابير السلامة والوقاية من هذا الوباء، كما اختارتها منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسف)، مناصرة لحقوق الأطفال، في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
لا يزال الدرب طويلاً أمام مريم، وكل يوم في حياتها سيكون بالنسبة لها فرصة لاكتساب المعرفة، وفيةً لكلماتها الذهبية التي نُقشت في ذاكرة المستقبل، حين نطقت بحكمة الطفولة المدهشة: "القراءة ذخيرة العقل وكنز المعرفة، من تسلّح بها ساد وغنم ومن أغفلها هان وضعف".